حكم مكبر الصوت في المسجد عماد الدين البنتني


اَلْقَوْلُ الْمُفِيْدُ

في
حُكْمِ مُكَبِّرِ الصَّوْتِ فِى الْمَسَاجِدِ

رتبه
الفقير عماد الدين البنتنى
خادم طلبة العلم فى المعهد الاسلامي نهضة العلوم لنهضة العلماء بنتن
اندونيسيا ۱۴۳۹

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الفقير عماد الدين البنتنى: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير العالمين وعلى اله الطاهرين وصحبه الطيبين اما بعد : فقال الله تعالى : ادعو ربكم تضرعا وخيفة انه لا يحب المعتدين ﴿الاعراف : 55﴾ وقال تعالى ايضا : ذكر رحمت ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا ﴿مريم : 2-3﴾ وقال تعالى ايضا : واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين ﴿الاعراف : 205﴾.

 وهذه رسالة لطيفة سميتها القول المفيد في حكم مكبر الصوت في المساجد وضعتها لما انتشر بين الناس مباحثات بين من يرى انه من الوسائل الشرعية حتى يدخل على الامور المطلوبة شرعا وبين من يرى انه ممنوع للضرر المترتب عليه.

 فأما من يرى انه من الوسائل الشرعية فهو يرى انه يجب اعلام الناس بدخول وقت الصلاة واسماعهم قراءة القران والوعظ والخطبة والدروس والمحاضرات بحجة تعليم من في البيوت من النساء واصحاب الاعذار.

 وأما من  يرى انه ممنوع فهو يرى ان في مكبر الصوت ضررا مترتبا للمرض والنساء والنيام و المعذورين ومن لديهم اعمال ومطالعة علم ونحوهم فيكون ذالك كله سببا في إيذائهم واعتداء على حقوقهم. ورسالتى هذه ان شاء الله تفصل حكم كل هذه القضية في الفصول الاتية.

﴿فصل﴾
 حكم الاذان باستعمال مكبر الصوت في المسجد الجامع تابع لحكم الاذان نفسه في كل مكتوبة وقلنا في المسجد الجامع دون غيره من المساجد لان الاغلب في كل المسجد الجامع
 مساجد صغيرة حوله يصلون فيها في كل مكتوبة و يذهبون الى المسجد الجامع في كل جمعة لصلاة الجمعة فيسن الاذان بمكبر الصوت من المسجد الجامع لاعلام دخول وقت الصلاة لاهل تلك البلدة ولا يسن من غيره من المساجد لعدم الحاجة اليه لاستماع الناس بالاذان من الجامع.
لكن اذا بعدت المسافة ولا يسمع الاذان من الجامع فيسن الاذان بمكبر الصوت من كل مسجد.
قال النووى في الروضة عن الاذان : ففي القرية الصغيرة يكفي اى الاذان في موضع وفي البلد الكبير لا بد منه في مواضع .

﴿فصل﴾
 ان لم يسمعوا الاذان بمكبر الصوت من المسجد الجامع في مسجده لكن سمعوا الاذان به من المسجد الجانب فلا يسن لهم الاذان به فيه بل اذن مؤذن بمسجدهم بلا مكبر الصوت او اذن به بمكبر الصوت الداخلي.

﴿فصل﴾
يسن الأذان بمكبر الصوت للقافلة فى الصحراء كما يسن للمنفرد فيها، قال النووي ان رجا حضور جماعة أذن والا فلا.
 
﴿فصل﴾
لا يجوز الأذان بمكبر الصوت لجماعة دخلوا المسجد الجامع وقد اقيمت فيه جماعة وانصرفوا لان لا يوهم دخول وقت صلاة أخرى. قال النووي وان قلنا يؤذن فهل يرفع صوته نظر ان صلى في مسجد اقيمت فيه جماعة وانصرفوا لم يرفع.
 
﴿فصل﴾
لا يجوز لجماعة النساء الأذان بمكبر الصوت لان المشهور المنصوص فى الأم يستحب لهن الإقامة دون الأذان فلو اذنت ولم ترفع صوتها الا ما تسمع صواحبها لم يكره هذا ماذكره النووى فى الروضة.

﴿فصل﴾
لاينبغى استعمال مكبر الصوت الخارجي فى الصلاة سواء فى ذلك صلاة الفرض كالمغرب والعشاء والصبح ام صلاة النفل كالتراويح الا فى صلاة الجمعة لانها شعار فى كل اسبوع. قال الشربيني فى مغنى المحتاج ولان الإقتصار على واحدة افضى الى المقصود من إظهار شعار الإجتماع واتفاق الكلمات.  روى عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه فى وصف قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت قراءة النبي على قدر ما يسمعه من فى الحجرة وهو فى البيت رواه أبو داود فى كتاب التطوع باب فى صلاة الليلة.
وهذا الحكم فى صلاة الجمعة حيث لا يشوش مكبر الصوت مسجدا أخر تقام فيه صلاة الجمعة والا فينبغى خفض صوت مكبر الصوت بحيث لا يصل الى مسجد اخر.

﴿فصل﴾
 ينبغي استعمال مكبر الصوت الداخلي فى الصلاة للإمام إذا كثرت الجماعة بحيث ان لم يستعمل لم يسمع المأمومين كلهم سواء فى ذالك صلاة الجهرية ام صلاة السرية لاسماع الإنتقال. روي عن جابر رصي الله عنه قال صلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر خلفه فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر ابو بكر ليسمعنا رواه مسلم.   وقال النووي فى المجموع اما غير الإمام فالسنة الإسرار بالتكبير.

﴿فصل﴾
لاتكره قراءة القرأن فى المسجد بمكبر الصوت الداخلي أو بدونه ان تحقق ان السامعين لها أكثر ممن يتشوش بها لان المصلحة اكثر من المفسدة والا فتكره.
قال الشيخ عبد الرحمن باعلوى فى بغية المشترشدين: جماعة يقرأون القرأن فى المسجد جهرا وينتفع بقرائتهم اناس ويتشوش اخرون فان كانت المصلحة أكثر من المفسدة فالقراءة أفضل وان كانت بالعكس كرهت انتهى فتاوى النووى.

﴿فصل﴾
لاتجوز قرأة القرأن بالليل بمكبر الصوت الخارجي بعد ثلث الليل الاول الى الصباح لأن هذا الوقت وقت نيام الناس وكذالك قبله ان كان بجانب المسجد من اشتغل فى طلب العلم أو الذكر أو المحاضرة أو الضيوف أو كان من يتضرر به من المرضى ونحوهم قال ابن الجوزي فى التلبيس وقد لبس ابليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرأن فى منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزأين فيجمعون بين أذى الناس فى منعهم من النوم وبين التعرض للرياء.
وروى عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ان كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولايرفع بعضكم على بعض فى القراءة أو قال فى الصلاة. رواه أبو داود .

﴿فصل﴾
جاء فى فتاوى اللجنة الدائمة بأن وضع جهاز راديو أو نحوه لاذاعة القرأن بصوت مرتفع فى المسجد يوم الجمعة قبل مجىئ الإمام لايجوز إنتهى.

﴿فصل﴾
قراءة القران بمكبر الصوت الخارجي ليست من توقير كتاب الله وتعظيمه فيخرج هذا الصوت خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لاينصتون بل هم مشغولون عنه باعمالهم ومكالمتهم واغانيهم والقارئ بجوارهم يقرأ القران بل وقد تكون الأسواق عامرة بالناس بيعا وشراء وما يتبع ذالك من لغط وكذب وغش وخداع ومنكرات والقران يتلى على رؤوسهم. قال الشيخ النووى البنتني فى قامع الطغيان: ولا يقرأ اى القران فى الأسواق ولا فى مواطن اللغط واللغو ومجمع السفهاء.

﴿فصل﴾
 يجوز التعليم بمكبر الصوت الداخلي فى المسجد في غير وقت الصلاة كما ذكره النووى فى شرح مسلم حيث قال عن مذهب أبي حنيفة: واجاز أبو حنيفة رحمه الله تعالى ومحمد بن مسلمة من اصحاب مالك رحمه الله تعالى رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذالك مما يحتاج اليه الناس لأنه مجمعهم ولابد لهم منه.

﴿فصل﴾
لايجوز الإعلام بنشد الضالة بمكبر صوت المسجد لورود النهي عن نشد الضالة فى المسجد وكذالك جميع الاعلامات التى لا تتعلق بالمسجد ولابالقربات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع رجلا ينشد ضالة فى المسجد فليقل لا ردها الله فان المساجد لا تبنى لهذا رواه مسلم قال النووى ويلحق به ما فى معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود.

﴿فصل﴾
يجوز النعي أى الإعلام بموت أحد بمكبر صوت المسجد ليسمع أصحابه وأقرباءه وكل من سيأتي للتعزية والصلاة وحضور جنازته لأن ذالك وسيلة الى القربات وللوسائل حكم المقاصد وثبت فى الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي فى اليوم الذي مات فيه فخرج بهم الى المصلى وكبر أربع تكبيرات. قال النووى عن هذا الحديث : فيه استحباب الإعلام بالميت لا على صورة نعي الجاهلية بل مجرد اعلام للصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه فى ذالك والذي جاء من النهي عن النعي ليس المراد به هذا وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها.
هذا مايسره الله لى فى كتابة هذه الرسالة وتمت كتابته فى ضحى يوم الخامس الثامنة عشر من ذى الحجة سنة ألف وأربع مائة وتسعة وثلاثين من الهجرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام فى المعهد الإسلامي نهضة العلوم كريشك تنجرانج بنتن.


أسأل الله الكريم أن يجعل هذه الرسالة نافعة للناس إلى يوم القيامة وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.

Komentar